المحاضرة الأولى

   تمارس الإدارة العامة نشاطها من خلال وسائل قانونية  تتخذها والتي تظهر في صورتين:الأعمال القانونية الانفرادية المتمثلة  في القرارات الإدارية التي تعتبر من  أحد أبر مظاهر استخدام الإدارة للسلطة العامة،مثل قرار التعيين في الوظيفة، قرار الترقية في الوظيفة ،قرار نزع الملكية للمنفعة العمومية وقرارا  حظر التجوال في مكان معين أو في زمن معين حفاظا على النظام العام، كما هو معمول عليه في الفترة الأخيرة مع جائحة الكوفيد 19 (المحور الأول) والأعمال القانونية الاتفاقية التي يطلق عليها بالعقود التي يمكن للإدارة إبرامها، سواء كانت عقود خاصة أم عقود إدارية كعقود الصفقات العمومية(كعقد الأشغال العمومية ،عقد اقتناء لوازم،عقد تقديم خدمات،عقد القيام بدارسات (المحور الثاني)

المحور الأول :القرارات الإدارية

أولا:ضبط مفهوم  القرار الإداري

  لتعريف القرار بمعناه القانوني في آراء الفقهاء وأحكام القضاء الإداري يتعين تعريفه بمعناه اللغوي والإصطلاحي ذلك أن القرار لغة يقصد به ما قرّ ربه الرأي من حكم في مسألة ما وفي المعنى الإصطلاحي القرار الإداري هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بقصد إحداث أثر قانوني قائم .

أما المشرع فلم يتعرض إلى تعريف القرار الإداري مكتفيا بالإشارة إليه بمناسبة تحديد سلطات الإدارة أثناء ممارسة نشاطها وذلك من خلال إصدارها لقرارات إدارية ملزمة وكذا أثناء تطرقه إلى الرقابة القضائية على أعمال الإدارة الأمر الذي يستوجب الرجوع إلى كل من الفقه والقضاء لتحديد الإطار المفاهيمي للقرار الإداري .

التعريف الفقهي للقرار الإداري :لقد تعددت الآراء الفقهية في تعريف القرار الإداري ،حيث يعرفه الفقيه هوريو بأنه "إعلان للإدارة بقصد إحداث أثر قانوني إزاء الأفراد يصدر عن سلطة إدارية في صورة تنفيذية أو في صورة تؤدي إلى التنفيذ المباشر "ويلاحظ من خلال هذا التعريف أن الفقيه هوريو أغفل صدور القرار بالإرادة المنفردة للإدارة ،بينما الفقيه دوجي يعرف القرار الإداري بأنه"كل عمل إداري يصدر بقصد تعديل الأوضاع القانونية كما هي قائمة وقت صدوره أو كما تكون في لحظة مستقلة معينة"،ويعرفه الفقيه  بونار  بأنه العمل القانوني الذي يعدّل في الأوضاع القانونية.

كما يعرف جانب من الفقه المصري القرار الإداري بأنه عمل قانوني صادر عن جهة الإدارة بالإرادة المنفردة ، يستهدف إحداث تعديل في المراكز القانونية القائمة ، حيث نجد الأستاذ راغب ماجد الحلو  عرفه على أنه" إفصاح عن إرادة منفردة يصدر من سلطة إدارية ويرتب أثار قانونية " والفقيه عبد الغني بسيوني عرفه بأنه "عمل قانوني نهائي يصدر من سلطة إدارية وطنية بإرادتها وتترتب عليه آثار قانونية معينة"

 وتأثر الفقه الجزائري بالفقه المقارن في تعريفه للقرار الإداري بأنه عمل انفرادي صادر عن جهة إدارية بقصد إحداث آثار قانونية تحقيقا للمصلحة العامة، حيث في هذا الصدد نجد الأستاذ عمار عوابدي يعرف القرار الإداري بأنه "مجموعة الأعمال القانونية المنفردة التي تصدرها السلطات الإدارية المختصة بإرادتها المنفردة والملزمة وذلك بقصد إحداث آثار قانونية معينة سواء بإنشاء أو تعديل أو إلغاءه للمراكز القانونية " كما عرفه الأستاذ لباد ناصر "بأنه عمل قانوني صادر بصفة إنفرادية من سلطة إدارية الهدف منه هو إنشاء حقوق وإلتزامات بالنسبة للغير ".

ولقد أيده في ذلك القضاء الإداري حيث يعرف القرار الإداري بأنه إفصاح الإدارة العامة  المختصة بالشكل الذي يتطلبه القانون عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين يكون ممكنا وجائزا قانونا إبتغاء مصلحة عامة.

وعليه  من خلال تلك التعاريف المذكورة أعلاه يمكن تعريف القرار الإداري بأنه  "عمل إداري قانوني يصدر من الإدارة العامة  في صورة انفرادية  له الطابع  التنفيذي،متى كان ذلك بباعث من المصلحة العامة التي يتبعها القانون ، ويستهدف  إحداث آثار قانونية(إما بإنشاء مركز قانوني جديد،أو تعديله أو إلغاءه) "