المحاضرتان 05 و06 في مقياس القانون الاقتصادي العام

السنة الثالثة ليسانس قانون عام (السداسي السادس)

 

الدكتور لكحل صالح

كلية الحقوق والعلوم السياسية

 

 

عنوان المحاضرة

حماية المنافسة الحرة

تعتبر حرية التنافس Liberté de concurrencer في القانون الفرنسي نتاج مبدأ حرية التجارة والصناعة، وذلك على خلاف ما ذهب إليه المشرّع الجزائري حيث كرّس حرية المنافسة في سنة 1995 بموجب الأمر رقم 95-06، المتعلق بالمنافسة قبل تكريسه لمبدأ حرية التجارة والصناعة بموجب دستور 1996.

ويفترض مبدأ المنافسة الحرة التنافس بين الأعوان الاقتصاديين، غير أنه ضمانًا للمنافسة المشروعة بين هؤلاء الأعوان يحظر المشرّع جميع الممارسات التي من شأنها أن تقيّد وتخلّ بمبدأ المنافسة الحرة (الفرع الأول) مع ترتيب الجزاء القانوني الناجم عن هذه الممارسات (الفرع الثاني).

الفرع الأول

حظر الممارسات المقيّدة للمنافسة الحرة

 

يبقى الاعتراف بالحرية الاقتصادية مسألة مرهونة بضمان المنافسة الحرة من جميع الممارسات التي توصف بغير المشروعة، والتي من شأنها أن تُـعرقل وتحدّ من ممارسة الحرية الاقتصادية. فمهمة قمع الممارسات المنافية للمنافسة الحرة في ظلّ قانون الأسعار لسنة 1989 أوكلت للقاضي الجزائي. بيد أن هذا الأخير أصبح يتقاسم السلطة القمعية مع مجلس المنافسة وذلك بمناسبة صدور الأمر رقم 95-06، المتعلق بالمنافسة، إلى أن تمّ تحويل اختصاص القاضي الجزائي لصالح مجلس المنافسة بموجب إصدار الأمر رقم 03-03، المتعلق بالمنافسة.  

نميّـز بين نوعين من الممارسات المنافية للمنافسة. فأما النوع الأول يتمثل في الممارسات المقيّـدة للمنافسة أي الاتفاقات المحظورة، التي يميز المشرّع بين أنواع كثيرة منها حسب المادة 6 من الأمر رقم 03-03، يتعلق بالمنافسة، المعدل والمتمم، حيث تعتبر بمثابة اتّـفاقات محظورة كتلك الأعمال المدبّرة والاتّـفاقيات والاتّـفاقات الصريحة أو الضمنية عندما تهدف أو يمكن أن تهدف إلى عرقلة حرية المنافسة أو الحدّ منها أو الإخلال بها، لاسيما عندما ترمي مثلاً إلى:

- الحدّ من الدخول في السوق أو في ممارسة النشاطات، كمقاطعة شركة غير منتمية إلى الاتفاق،

- تقليص أو مراقبة الانتاج أو منافذ التسويق أو الاستثمارات أو التطور التقني،

- اقتسام الأسواق أو مصادر التموين،

- عرقلة تحديد الأسعار حسب قواعد السوق بالتشجيع المصطنع لارتفاع الأسعار أو لانخفاضها،

- تطبيق شروط غير متكافئة لنفس الخدمات تجاه الشركاء التجاريين، مما يحرمهم من منافع المنافسة،

- إخضاع إبرام العقود مع الشركاء لقبولهم خدمات إضافية ليس لها علاقة بموضوع هذه العقود سواء بحكم طبيعتها أو حسب الأعراف التجارية،

- السماح بمنح صفقة عمومية لفائدة أصحاب هذه الممارسات.

يضاف إلى الاتفاقات المحظورة حسب المادة 7 من الأمر رقم 03-03، سالف الذكر، التّعسف الناتج عن وضعية هيمنة على السوق أو احتكار لها أو على جزء منها، ومن بين الصور الأخرى للممارسات التعسفية حسب المادة 11 منه، حظر كل تعسف في استغلال وضعية التبعية والمتمثل على الخصوص في:

-       رفض البيع بدون مبرّر شرعي،

-       البيع المتلازم أو التمييزي،

-       البيع المشروط باقتناء كمية دنيا،

-       الإلزام بإعادة البيع بسعر أدنى،

-       قطع العلاقة التجارية لمجرد رفض المتعامل الخضوع لشروط تجارية غير مبرّرة.،

-       كل عمل آخر من شأنه أن يقلل أو يلغي منافع المنافسة داخل السوق.

يلاحظ بأن الفعل اللاّشرعي لا يتحقق إذا كنا بصدد هيمنة على السوق، إنّما يتحقق في حالة التعسف في استعمال هذه الهيمنة قصد إبعاد مثلاً مقاولة ما أو ألأوعرقلة منتجاتها من الدخول إلى السوق من خلال بيع المنتوجات بأسعار منخفضة مقارنة بتكاليف الانتاج.

كما يدخل ضمن الاتفاقات المحظورة كل عمل و/أو عقد مهما كانت طبيعته وموضوعه يسمح لمؤسسة بالاستئثار في ممارسة نشاط يدخل في مجال تطبيق قانون المنافسة، وذلك حسب المادة 10 الأمر رقم 03-03، سالف الذكر،  والتعسف في استغلال وضعية التبعية لمؤسسة أخرى بصفتها زبونا أو مموّنا، عرض الأسعار أو ممارسة أسعار بيع منخفضة بشكل تعسّفي للمستهلكين مقارنة بتكاليف الانتاج والتحويل والتسويق، وفقا للمواد 11 و12 منه. وكذلك ما أشارت إليه المادة 2، حيث تعتبر من قبيل الاتفاقات المحظورة إبرام الصفقات العمومية، في حالة عدم قانونية الإجراءات وذلك بدءا بنشر الإعلان عن المناقصة إلى غاية المنح النهائي للصفقة، والتي من شأنها أن تخرق مبدأ حرية المنافسة، الشفافية والمساواة بين المموّلين.  

وأما النوع الثاني من الممارسات المنافية للمنافسة يتمثل في عمليات تجميع المؤسسات والتي يقصد منها حسب المادة 15 من الأمر رقم 03-03 المتعلق بالمنافسة، سواء في الاندماج (اندماج مؤسستين أو أكثر كانت مستقلة من قبل)، أو الحصول على المراقبة (حصول شخص أو عدة أشخاص طبيعيين المراقبة على مؤسسة على الأقل، أو حصول مؤسسة أو عدة مؤسسات على مراقبة مؤسسة أو عدة مؤسسات أو جزء منها، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، عن طريق المساهمة بأسهم في رأس المال أو عن طريق شراء عناصر من أصول المؤسسة أو بموجب عقد أو بأي وسيلة أخرى). وأخيرًا، إنشاء مؤسسة مشتركة تؤدّي بصفة دائمة جميع وظائف مؤسسة اقتصادية مستقلة.

إذا كان المشرّع يُكرّس مبدأ حظر الممارسات المقيّدة للمنافسة، فإنه استثناء على هذا المبدأ، يجوز الترخيص بالبعض من هذه الممارسات وذلك في حالات معيّنة ومتى تحققت شروط خاصة وتوافرت فيها أسباب تجعلها مشروعة تخرجها من دائرة المنع إلى دائرة الجواز. فالفقرة الأولى من المادة 9 من الأمر رقم 03-03، السّالف الذكر، تسمح بالاتفاقات والممارسات الناتجة عن تطبيق نص تشريعي أو نص تنظيمي، في حين تؤكّـد الفقرة الثانية منها على أنه يمكن أن يرخص بالاتّـفاقات والممارسات التي يمكن أن يثبت أصحابها بأنها تؤدّي إلى تطور اقتصادي أو تساهم في تحسين التشغيل أو من شأنها أن تسمح للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتعزيز وضعيتها التنافسية، على أن تكون هذه الاتّـفاقات والممارسات محل ترخيص من قبل مجلس المنافسة. 

والجدير بالذكر أنه في إطار تأدية مجلس المنافسة لهمّته الضبطية المتمثلة في مراقبة وضبط السوق، يمكن له أن يتّـخذ أوامر معلّـلة ترمي إلى وضع حدّ للممارسات المقيّـدة للمنافسة، أو اتّـخاذ تدابير مؤقتة للحدّ من هذه الممارسات موضوع التحقيق إذا اقتضت ذلك الظروف المستعجلة لتفادي وقوع ضرر محدق غير ممكن إصلاحه، لفائدة المؤسسات التي تأثرت مصالحها من جرّاء تلك الممارسات أو عند الإضرار بالمصلحة الاقتصادية العامة، ذلك كما نصت عليه المواد 45 و46 منه.

وفي حالة عدم احترام هذه الأوامر والّتدابير المؤقتة يمكن له أن يصدر عقوبات تهديدية في حدود مبلغ مائة ألف دينار (100.000 د ج) عن كل يوم تأخير وفقا لما جاء في نص المادة 58 منه.

يمكن أيضًا لمجلس المنافسة حسب المواد 17 و18 من الأمر رقم 03-03، السّالف الذكر أن يدرس كل تجميع من شأنه المساس بالمنافسة، ولاسيما تعزيز وضعية هيمنة مؤسسة على سوق، أو كلما كان التجميع يرمي إلى تحقيق حدّ يفوق 40%  من المبيعات أو المشتريات المنجزة في سوق معيّـنة. ولذلك، تسمح المادة 19 منه للمجلس أن يرخص بالتجميع أو يرفضه بمقرّر معلّل، بعد أخذ رأي الوزير المكلف بالتجارة والوزير المكلف بالقطاع المعني بالتجميع.

ويتم التجميع بناء على المادة 15 منه في حالة ما إذا:

-       اندمجت مؤسستان أو أكثر كانت مستقلة من قبل،

-       حصل شخص أو عدة أشخاص طبيعيين لهم نفوذ على مؤسسة على الأقل، أو حصلت مؤسسة أو عدة مؤسسات أو جزء منها، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، عن طريق أخذ أسهم في رأس المال أو عن طريق شراء عناصر من أصول المؤسسة أو بموجب عقد أو بأي وسيلة أخرى،

-       أنشأت مؤسسة مشتركة تؤدي بصفة دائمة جميع وظائف مؤسسة اقتصادية مستقلة.

غير أن الملاحظ من جهة أخرى بأن السلطة التنفيذية يحق لها أن تتجاوز قرارات رفض التجميع الصادرة عن مجلس المنافسة. فالمادة 21 من الأمر رقم 03-03، السّالف الذكر، تؤكّد صراحة على أنه في حالة ما إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، وبناء على تقرير الوزير المكلّـف بالتجارة والوزير الذي يتبعه القطاع المعني بالتجميع، يمكن للحكومة أن ترخّص تلقائيًا، أو بناء على طلب الأطراف المعنية، بالتجميع الذي كان محلّ رفض من مجلس المنافسة.

وفضلاً عن ذلك، يمنح المشرّع مجالاً آخرًا لصالح السلطة التنفيذية لكي تتدخل فيما يتعلق الترخيص بالتجميعات، حيث تنص المادة 21 مكرر من الأمر رقم 03-03، السّـالف الذكر، على أنه : » ترخص تجميعات المؤسسات الناتجة عن تطبيق نص تشريعي أو تنظيمي «.

الفرع الثاني

جزاء الممارسات المقيّدة للمنافسة الحرة

أسندت للقاضي الجزائي مهمة قمع الممارسات المنافية للمنافسة الحرة في ظلّ قانون الأسعار لسنة 1989. ولكن عند إصدار الأمر رقم 95-06 المتعلق بالمنافسة، تم تحويل اختصاص القاضي الجزائي إلى مجلس المنافسة الذي استحدث لأول مرة دون أن يكيّفه المشرّع. وبعد إلغاء هذا الأمر، تم تأكيد هذا الخيار كذلك بموجب المادة 23 الأمر رقم 03-03 المتعلق بالمنافسة، المعدل والمتمم، مع تكييف مجلس المنافسة كسلطة إدارية مستقلة تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلال المالي، وتوضع لدى الوزير المكلف بالتجارة.

يعتبر مجلس المنافسة وسيلة لحماية السوق من الممارسات المقيّدة للمنافسة الحرة، وكأداة ضبط للنشاط الاقتصادي تحقيقا لفكرة الاقتصاد الحر. ويتشكل مجلس المنافسة من اثني عشر (12) عضوا يعيّنون بموجب مرسوم رئاسي وذلك حسب الفئات التالية: تضم الفئة الأولى ستة (6) أعضاء يختارون من ضمن الشخصيات والخبراء الحائزين على خبرة مهنية مدّة 8 سنوات على الأقل في المجال القانوني و/ أو الاقتصادي.

وأما الفئة الثانية تضم أربعة (4) أعضاء يختارون ضمن المهنيين المؤهلين الممارسين أو الذين لهم خبرة مهنية مدة خمس (5) سنوات على الأقل في مجال الانتاج والتوزيع والحرف والخدمات والمهن الحرة، على أن تحوز جميع هذه الفئات على شهادة جامعية. وأما الفئة الثالثة، فتضم عضوان مؤهلان يمثلان جمعيات حماية المستهلكين.

كما أنه في إطار تأدية مجلس المنافسة لمهامه، يمكن أن يخطر سواء من قبل الوزير المكلف بالتجارة، وكل عون اقتصادي، وكذلك من قبل الجماعات المحلية، الهيئات الاقتصادية والمالية، المؤسسات، الجمعيات المهنية والنقابية وجمعيات المستهلكين، إذا كانت لها مصلحة في ذلك. كما يمكن لمجلس المنافسة أن ينظر من تلقاء نفسه في القضايا التي تدخل في اختصاصه.

إن تخويل السلطة القمعية لمجلس المنافسة لضبط النشاط الاقتصادي يهدف بالأساس إلى تكريس فكرة إزالة التجريم Dépénalisation، أي اعتماد آليات جديدة لقمع الممارسات غير المشروعة تماشيا والدور الجديد للدولة كضابطة للنشاط الاقتصادي. ودوافع ذلك تبدو كثيرة جدًا، من بينها أن عقوبة الحبس أثبتت عدم فعاليتها في ردع الممارسات غير المشروعة في المجالين الاقتصادي والمالي.

وفضلاً عن ذلك، هنالك من المخالفات لا يمكن تكييفها كأفعال إجرامية. ونشير في هذا المقام، إلى أن القاضي الجزائي لا يزال يتقاسم السلطة القمعية مع مجلس المنافسة لاسيما في الجرائم المتعلقة بالصناعة والتجارة المنصوص عليها في تقنين العقوبات مثل جريمة المضاربة غير المشروعة.

يمارس مجلس المنافسة السلطة القمعية على الأعوان الاقتصاديين عندما يخالفون قواعد المنافسة الحرة. ولأجل ذلك يمكن له أن يتخذّ أوامر معلّـلة وتدابير مؤقتة ترمي إلى وضع حدّ للممارسات المقيدة للمنافسة. وفي حالة عدم احترام هذه الأوامر والإجراءات المؤقتة يمكن له أن يصدر عقوبات مالية. ومن أمثلة الغرامات المالية فرض غرامة قد تصل إلى 12% من مبلغ رقم الأعمال من غير الرسوم، المحقق في الجزائر خلال آخر سنة مختتمة أو بغرامة تساوي على الأقل ضعفي الربح المحقق بواسطة هذه الممارسات، على ألاّ تتجاوز هذه الغرامة أربعة أضعاف هذا الربح. وأما في حالة عدم احترام الإجراءات المتعلقة بالتجميع، يمكن أن تصل الغرامة إلى 7 % من مبلغ رقم الأعمال من غير الرسوم، المحقق في الجزائر خلال آخر سنة مختتمة.

يمكن الطعن في قرارات مجلس المنافسة. وفي هذا الصّدد، يميّـز المشرّع بين نوعين من القرارات. فأما القرارات القاضية برفض إجراء التجميع فتكون قابلة للطعن فيها أمام مجلس الدولة، حسب المادة 16 من الأمر رقم 03-03 المتعلق بالمنافسة، وأما عن الميعاد فيكون في أجل أربعة أشهر من تاريخ تبليغ القرار بناء على المادة 907 من القانون رقم 08-09 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، التي تنص على أنه: » عندما يفصل مجلس الدولة كدرجة أولى وأخيرةـ تطبق الأحكام المتعلقة بالآجال المنصوص عليها في المواد من 829 إلى 832 أعلاه «.  

وأما القرارات القاضية بتوقيع العقوبات بخصوص الممارسات المقيّدة للمنافسة، فتكون قابلة للطعن فيها أمام مجلس قضاء الجزائر الفاصل في المواد التجارية من قبل الأطراف المعنية أو من قبل الوزير المكلف بالتجارة في أجل لا يتجاوز شهرًا واحدًا ابتداء من تاريخ استلام القرار. بينما الطعن في الإجراءات المؤقتة للحدّ من الممارسات المقيّدة للمنافسة يكون في أجل عشرين (20) يوما حسب المادة 63 الأمر رقم 03-03 سالف الذكر.

وزيادة على تخويل مجلس المنافسة ممارسة السلطة القمعية Pouvoir répressif على الأعوان الاقتصاديين، نشهد ظاهرة إزالة تجريم المخالفات Dépénalisation des infractions في جميع أوجه المجال الاقتصادي المترجم عبر تخويل الاختصاصات المنوطة تقليديًـا للقاضي لصالح أجهزة إدارية. فالهيئات الإدارية المستقلة أصبحت تختص بسلطة توقيع الجزاء على الأعوان الاقتصاديين عندما يمارسون أعمالاً منافية للمنافسة، باستثناء مجلس النقد والقرض الذي يتمتّع بسلطة تنظيمية فقط.  

يمكن أن يتّخذ الجزاء الصادر عن الهيئات الإدارية المستقلة أشكالا مختلفة تتمثل في العقوبات المقيّدة أو السّـالبة للحقوق Sanctions restrictives ou privatives de droits والعقوبات المالية Sanctions patrimoniales. وبخصوص النوع الأول من العقوبات، وفيما يتعلق بتلك المقيّدة للحقوق نجدها على سبيل المثال في المجال المصرفي كالمنع من ممارسة بعض العمليات وغيرها من أنواع الحدّ من ممارسة النشاط، التوقيف المؤقت لمسيّـر أو أكثر، بينما تلك السّالبة للحقوق تتمثل في إنهاء مهام شخص أو أكثر من هؤلاء الأشخاص أنفسهم، مع تعيين قائم بالإدارة مؤقتا أو عدم تعيينه. كما يمكن أن يمتدّ هذا النوع من العقوبات إلى سحب الاعتماد كما جاء على سبيل المثال في المادة الأمر رقم 03-11، المتعلق بالنقد والقرض، معدل ومتمم.

وأما فيما يخصّ النوع الثاني من العقوبات أي المالية، نشير إلى أن مجلس المنافسة يمكن أن يعاقب على الممارسات المقيّدة للمنافسة بفرض غرامة لا تفوق 12%  من مبلغ رقم الأعمال من غير الرّسوم، المحقق في الجزائر خلال آخر سنة مالية مختتمة، أو بغرامة تساوي على الأقل ضعفي الربح المحقق بواسطة تلك الممارسات، على ألاّ تتجاوز هذه الغرامة أربعة أضعاف هذا الربح. وإذا كان مرتكب المخالفة لا يملك رقم أعمال محدّد، فالغرامة لا تتجاوز ستة ملايين دينار (6.000.000 دج).

كما يعاقب مجلس المنافسة أيضًا على عمليات التجميع التي أنجزت بدون ترخيص منه بغرامة يمكن أن تصل إلى 7%  من مبلغ رقم الأعمال من غير الرسوم المحققة في الجزائر خلال آخر سنة مالية مختتمة.

وفضلاً عن ذلك، يمكن لمجلس المنافسة إذا لم تنفّـذ الأوامر والإجراءات المؤقتة الرّامية إلى وضع حدّ للممارسات المقيّدة للمنافسة في الآجال المحدّدة، أن يحكم بغرامات تهديدية لا تقل عن مبلغ مائة وخمسين ألف دينار (150.000 دج) عن كل يوم تأخير. وفي مجال البورصة، نجد على سبيل المثال بأن الغرفة التأديبية المحدثة ضمن لجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها، بإمكانها أن تفرض غرامات يحدّد مبلغها بعشرة ملايين دينار أو بمبلغ يساوي المغنم المحتمل تحقيقه بفعل الخطأ المرتكب.

تجدر الإشارة في هذا الصّدد، بأن القاضي الجزائي لا يزال يحتفظ باختصاصه للفصل في الجرائم المتعلقة بالصناعة والتجارة المنصوص عليها في القسم السابع من تقنين العقوبات. وسواء تعلق الأمر بتوقيع العقوبات السالبة للحرية أو فرض الغرامات المالية، أو بالعقوبتين معًا.

نجد أيضًا في قطاع البورصة بأن المخالفات للأحكام التشريعية والتنظيمية المعاقب عليها بالعقوبات المنصوص عليها في المادتين 59 و60 من المرسوم التشريعي رقم 93- 10 المتعلق ببورصة القيم المنقولة، ترفع أمام الجهات القضائية العادية المختصّة. وفي المجال المصرفي، تشير المادة 139 من الأمر رقم 03-11 المتعلق بالنقد والقرض، إلى أنه يعاقب على كل مخالفة للأحكام الواردة في الكتاب السادس الخاص بمراقبة البنوك والمؤسسات المالية وكذا مخالفة الأنظمة المتّخذة لتطبيقه، بالحبس من شهر إلى ستة (6) أشهر وبغرامة يمكن أن تصل إلى 20% من قيمة الاستثمار. ويلاحظ بأن اختصاص القاضي الجزائي لا يزال قائما أيضًا في قطاعات أخرى مثل البريد والاتصالات الالكترونية، المناجم والطاقة.